ارتفعت سمعة الشوكولاته خلال عقد أو أكثر من السنين، إلى مصاف عليا، وتحولت من مادة غذائية تضفي السمنة على الإنسان، إلى غذاء صحي. وقد منح عدد من الدراسات المتتالية الكاكاو والشوكولاته الداكنة، علامات لدرجات عالية في تأثيراتها المفيدة للقلب، ومنها تحسين مستويات الكولسترول، وضغط الدم، وتخثر الدم، ووظيفة الشرايين التاجية، وحساسية الأنسولين.
وتميل أكثر التفسيرات حول تلك الفوائد، في الغالب، إلى أن حبات الكاكاو غنية بمواد «الفلافونويدات» flavonids - وهي مركبات من المواد المضادة للأ***دة تتوافر بكثرة في بعض الفواكه والخضراوات والشاي.
* فائدة جديدة
* وتفترض إحدى الدراسات أن مواد «الفلافونويدات» الموجودة في الشوكولاته ربما تكون مفيدة للقلب بطريقة أخرى. وفي تجارب عشوائية شملت 42 من الرجال والنساء الكبار في السن من المعرضين لخطر كبير في حدوث أمراض القلب والأوعية الدموية، أعطى باحثون أسبان مجموعة من نصف المشاركين، 40 غراما (1.4 أونصة) من الكاكاو المطحون الصافي - من دون إضافة السكر إليه - مع 16 أونصة (نحو 470 ملليلترا) من الحليب منزوع الدسم يوميا، فيما قدم للنصف الآخر الحليب منزوع الدسم وحده. وبعد مرور شهر، رصد لدى متناولي الكاكاو مستوى أقل من الجزئيات اللاصقة adhesion molecules - وهي البروتينات التي تتسبب في التصاق خلايا الدم البيضاء والمركبات الأخرى مع جدران الشرايين. وهذه الجزيئات اللاصقة هي علامات يرصد الأطباء بواسطتها وجود حالات الالتهاب، التي ترتبط بأمراض القلب، إذ إنها تسهم في تشكيل الترسبات (على جدران الشرايين)، التي تقود إلى تصلب الشرايين، وتعيق تدفق الدم أو تقود إلى تفتق الشريان، وهي الأمور التي تحفز على حدوث النوبة القلبية أو السكتة الدماغية. وإضافة إلى هذا، فقد ظهر أن الكاكاو يزيد من مستويات الكولسترول عالي الكثافة HDL (الجيد). وقد نشرت الدراسة في عدد نوفمبر (تشرين الثاني) 2009 من مجلة «أميركان جورنال أوف كلينيكال نوتريشن».
* شوكولاته صحية
* يرجع إحساس الإنسان بالفوائد الصحية للكاكاو إلى عهود حضارة المايا القديمة، إذ كان شعب المايا يطحن حبات الكاكاو المحمّصة مع أنواع التوابل، لصنع شراب قوي منها، له طعم شديد المرارة. أما في عصرنا الحالي، فإن الكاكاو غالبا ما يعالج صناعيا بخلطه مع الدهون، السكر، وفي بعض الأحيان مع الحليب، للتغطية على مذاقه المر. وهذا هو الذي يسبب المشكلات، إذ إن هذه المعالجة الصناعية تؤدي أحيانا إلى خفض محتوى «الفلافونويدات» فيه كما أنها تضيف سعرات حرارية إلى الشوكولاته.وعلينا أن نتذكر أن أنواع الشوكولاته ليست متماثلة. وإليكم بعض الجوانب المفيدة حول ذلك:
* الشوكولاته النقية تصنع من الكاكاو الصلب الخالي من الدهون أو من ***دة الكاكاو. وكلما كان محتوى الكاكاو الصلب الخالي من الدهون عاليا، كان محتوى «الفلافونويدات» عاليا. وللتذكير فإن «الشوكولاته البيضاء»white chocolate لا تحتوي على أي محتويات من الكاكاو الصلب الخالي من الدهون.
* زبدة الكاكاو تخلط مع الكاكاو الصلب بكميات متفاوتة بهدف صنع منتجات متنوعة من الشوكولاته ذات الجودة المختلفة. وهي تمثل المركب الأساسي في «الشوكولاته البيضاء». وأغلب الدهون في ***دة الكاكاو من حمض الستياريك acid stearic أو حمض الأوليك oleic acid؛ اللذين لا يرفعان مستوى الكولسترول. إلا أن تراكم غرام واحد فوق غرام آخر من أي نوع من الدهون، يؤدي إلى تناول سعرات حرارية مضاعفة مقارنة بالبروتينات والكربوهيدرات. ولذا يجب الانتباه إلى خطر تراكم السعرات الحرارية.
* بينما تتوالى الأنباء المشجعة حول فوائد الشوكولاته وخصوصا الكاكاو، فإن الأبحاث العلمية لم تتوصل بعد إلى التعرف إلى الجرعة المناسبة لفوائدها لصحة القلب والأوعية الدموية. وحتى الآن، فمن الأفضل الحد من تناول الشوكولاته والاكتفاء بعدة قطع من «المربعات» الصغيرة للشوكولاته الداكنة يوميا، وكلما كانت الشوكولاته داكنة أكثر كان ذلك أفضل.