إن الحمد لله نعبده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له فأشهد أنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد بأن محمداً عبده ورسوله
﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون ﴾
﴿ ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ﴾ سورة النساء
﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً﴾ سورة الأحزاب
أما بعد
فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وإن شر الأمور محدثاتها فكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
معاشر الأحبة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حيَاكم الله وبيَاكم وسدد على طريق الحق خطاي وخطاكم , أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجمعني وإياكم في ذلك الدار إخواناً على سرر متقابلين, أسأله سبحانه أن يحفظني وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن .
المؤمن الفذ من ضمت جوارحه ديناً تأرقه دوماً قضاياه
ومن تطاوله الأيام فهو على ثباته تزرع الأيام يمناه
وإن دعا للجهاد طفل داعية بالروح والمال والأقدام تلقاه
قال ابن القيم :
من منازل قوله تعالى ﴿إياك نعبد وإياك نستعين ﴾ سورة الفاتحة
منزلة الصادقين
نحن في ليلة بعنوان كونوا مع الصادقين العملة النادرة التي نحتاجها هذا الزمان وكل زمان ...المنزلة التي فرقت بين المسلمين وبين المنافقين
المنزلة التي فرقت بين أهل النار وبين أهل الجنان.
الصدق من صال به لم تُرد صولته ...الصدق من جال به لم تُرد جولته
وهو باب دخول على الرحمة قال تعالى ﴿ هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ﴾
فلا ينجو في ذلك اليوم إلا الصادقون أهل الصدق أما أهل الكذب والمنافقين فلقد أُعرض عنهم ويوم القيامة وجوههم مسودة ﴿ أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ﴾مرتبة الصدق مرتبة رفيعة مرتبة الصادقين هي مرتبة الأنبياء كما قال الله تعالى عن أنبياءه ﴿واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا﴾ سورة مريم
وقال عن إدريس علي السلام﴿ واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا ًنبيا﴾ سورة مريم
وعن إسماعيل قال ﴿ إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيا﴾ سورة مريم وقال عن يوسف﴿ يوسف أيها الصديق افتنا في سبع بقرات سمان...﴾ سورة يوسف
فالصدق مرتبة الأنبياء هي أدنى من مرتبة النبوة وأعلى من مرتبة الشهداء قال الله تعالى ﴿ فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا﴾ سورة النساء
اللهم أجعلنا منهم واجعلنا معهم .
الصدق عملة نادرة نفتقدها في هذا الزمن ... في الرخاء يدَعي الكثير بالصدق أما في وقت الشدة فتظهر معادن الناس
قال الله تعالى ﴿ ولو صدقوا الله لكان خيراً لهم ﴾
قال الله آمراً المسلمين أن يلتحقوا بقافلة محمد صلى الله عليه وسلم ومن معه ﴿ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ﴾ سورة التوبة
إن لم يكن محمد ومن معه فمن يكن ... ليس بالكلام ولكن الأفعال تصدق الأقوال .
في أيام مضت وفي سنين قضت كان النبي صلى الله عليه وسلم يبحث عن أرض يقيم عليها هذا الدين العظيم فبايعه مجموعة من الرجال
﴿رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ليجزى الله الصادقين بصدقهم وبعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما ﴾.سورة الأحزاب
اجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم بأواسط أيام التشريق عند العقبة جاؤوا وقد عاهدوا وتواعدوا على أن يبذلوا كل غالي ونفيس من أجل هذا الدين ونصرته واجتمعوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مباركة ضربوا فيها فنون البيعة .
الصادق منا يحتاج أن يجدد تلك البيعة اليوم ﴿إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما﴾ سورة الفتح
فيقولون عن تلك البيعة ( تسللنا من قرشنا كما يتسلل القطر حتى جئنا المكان الموعود ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم مع عمه العباس ولم يكن اسلم بعد فكان أول المتكلمين العباس رضي الله عنه {يا معشر الأوس والخزرج إن محمد منا كما تعرفون وإنه في عِزة ومنعة في قومه ولكنه أبى إلا اللحاق بكم فإن أنتم وفيتم بما وعدتموه فأنتم وما أزرتم وإلا فدعوه فإنه في عِزة ومنعة من قومه }.
قالوا: انتهيت ؟
قال : نعم
قالوا: فتكلم يا رسول الله وخذ بربك وبنفسك ما أردت.
فقال الرسول عليه الصلاة والسلام قرأ عليهم القرآن الذي لو أنزل على جبل لرايته خاشعا متصدعا من خشية الله فلما قرأ عليهم القرآن علموا أنها البيعة وثمنها الجنة على أن يقدموا في سبيل الله تلك الأنفس والأموال ومن ذلك بنود البيعة من بنودها :
-الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في النشر وفي المكره وفي النفقة في العسر واليسر وعلى أن تمنعوني ما تمنعون منهم أسركم
قالوا : يا رسول الله إن بيننا وبين القوم [ اليهود ] عهود ومواثيق إن نحن قطعناها وأظهرك الله ترجع وتتركنا ؟
قال صلى الله عليه وسلم : بل أنا منكم وأنتم مني الدم بالدم والحد بالحد .
قال: مد يمينك نبايعك .
فقام اسعد بن زرارة أصغر القوم يبين للقوم خطورة البيعة قال: يا قومي أتدرون على ماذا تبايعون ؟؟ أنتم تبايعون على عداوة القاصي والداني , تبايعون على ترميل النساء وتيتم الأطفال وضياع الأموال إن وافقتم على البيعة وبنودها فعز الدنيا وعز الآخرة , وإلا خزي الدنيا وخزي الآخرة .
قالوا : انتهيت يا أسعد ؟
قال نعم.
قالوا: يا رسول الله مد يدك نبايعك على أن يكون الثمن الجنة .
ثم يظهر الرجال أنهم صادقون في أموالهم وأفعالهم وقالوا : يا رسول الله نحن أهل حرب ولئن شئت نميل على أهل مِنى غداً بأسيافنا,
قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم نُؤمر بعد ).
الله اشترى وهم باعوا على أن يكون الثمن الجنة عبدٌ صادق ووعدٌ صادق ومن أصدق من الله قيلا ﴿رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ليجزى الله الصادقين بصدقهم وبعذب النافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما ﴾.سورة الأحزاب
في الرخاء الكل يدًَعي أنه يفعل ويفعل ويأتي وقت الشدة يبان الصادق من غير ه والخبيث من الطيب .
هم بايعوا على النصرة والبذل... في المدينة يمتحن الله هؤلاء الرجال في بيعتهم...عندما هاجروا المؤمنين من مكة المكرمة خلَفوا ورائهم أموالهم عند قريش واستولت قريش عليها وفي يوم خرجت قريش لقافلة لها تريد بلاد الشام رأى النبي صلى الله عليه وسلم أنه من باب استرداد بعض ما خلفوه في مكة أن يستولوا على القافلة فخرج الرسول صلى الله عليه وسلم مع رجاله ولم يرد الحرب أرادوا العير وإذ هم يلاقون النقيض ﴿ كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون ﴾ سورة الأنفال
خرج 300 رجل خرجوا يريدون العير وإذا الأمور تغيرت وإذا الأوضاع تبدلت مرت القافلة من طريق آخر عندما علم سفيان بالخبر استنفر قريش ومن معها خرجوا بجيش عظيم خرجوا ب1000 مقاتل و700 بعير ينحرون كل يوم 10 من الجزور جيش قوي بالسلاح والعدة والعتاد أما الفريق الآخر قلة قليلة لا تتجاوز 300 رجل يزيدون أو ينقصون معهم من الإبل 70 ومعهم فرس واحد أو فرسان ما معهم وسائل الحرب لأنهم لم يخرجوا للحرب أصلاً فرت القافلة ولجت بمن فيها وبقي الرسول صلى الله عليه وسلم بالموقف ﴿ وإذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن يقضي الله أمرا كان مفعولا ليهلك من هلك عن بينة ويحي منحي عن بينة وإن الله لسميع عليم ﴾ سورة الأنفال
لما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم أن الوضع قد تغير شاور أصحابه لأن المبدأ الرباني المشورة قال أشيروا علي أيها الناس فتكلم أبو بكر وأجاد الكلام وتكلم عمر وأجاد الكلام وتكلم المقداد وأحسن بالكلام هؤلاء المهاجرون ما خرجوا إلا للبذل والعطاء مستعدون للقتال والرسول يريد الأنصار فثقل المعركة يقع عليهم هؤلاء المبايعين داخل المدينة والآن خارج المدينة لكن الصادق عنده استعداد على البذل في أي وقت وفي كل مكان طاعة لله ولرسوله ﴿ إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله أن يقولوا سمعنا وأطعنا في الشدة وفي الرخاء.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: أشيروا علي أيها الناس
فقال سعد بن معاذ: كأنك تعنينا يا رسول الله لقد آمنا بك وصدقناك وبايعناك ..صل حبل من شئت واقطع حبل من شئت ,عادي من شئت وسالم من شئت ,خذ من أموالنا ما شئت واترك ما شئت فوالله الذي أخذته أحب إلينا مما تركته والله لو أمرتنا أن نرمي بأنفسنا من أعالي الجبال لرميناها ما تخلف منا احد والله لو خضت بنا البحار لخضناها أمامك ما تخلف منا أحد , والله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لنبيهم موسى عليه السلام( اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ) ولكن نقول اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون ,فلما رأى الله صدقهم قال ﴿إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدّكم بألف من الملائكة مردفين وما جعلهم الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم.﴾ سورة الأنفال
﴿إذ ّيوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين ءامنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ذلك بأنهم شاّقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب ﴾ سورة الأنفال
صدقوا مع الله فصدق الله معهم في الشدة والرخاء رجال .
فرضي الله عنهم ورضوا عنه وأنت فيهم آية ثبت مكانتك عند الله ﴿لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا﴾ سورة الفتح
إن قلوبهم مليئة بالصدق والحب لله ولرسوله فنزلت الآيات تزكيهم وتبشرهم بما عند الله ﴿ محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا ًسجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ...﴾ سورة محمد
وكثير من الآيات التي تزكي هؤلاء الرجال .
في يوم من الأيام تطاول الكفار على المؤمنين وقتلوا رسول النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل إليهم من يعذبهم من المؤمنين أرسل 3000 رجل وحين ما وصلوا أرض المعركة وإذ القوم 100000 رجل, فنظم الرسول صلى الله عليه وسلم الجيش كما ينبغي فجعل الإمارة لزيد ثم لجعفر ثم لعبد الله بن رواحه وكان الرسول صلى الله عليه وسلم ينقل المعركة مباشرة لمن معه فكان يخبرهم ..حمل الراية زيد ثم قتل ثم حمل الراية جعفر ثم قتل ثم ابن رواحه فقتل ثم سكت ,فقال : ولقد رُفعوا إلى الجنة جميعاً ,ثم رجع إلى أرض المعركة وأخبره بأن ثابت بن أقرط حمل الراية ,
وقال ثابت : يا خالد بن الوليد أحمل الراية
اعتذر خالد وقال له:
أنت أكثر مني خبرة وأكبر مني سناً .
فقال ثابت: لكنك أعلم مني بفنون القتال ,
ثم شاوروا المسلمين أترضون أن يحمل خالد الراية ويكون القائد فرضوا المسلمين فحملها خالد ,
نرجع للمدينة فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : أما الآن حمل الراية سيف من سيوف الله ولقد حمي الوطيس .
قال خالد بن الوليد :ت***ر بيدي تسعة أسياف ولم يبقى معي سوى صحيفة يمانية .
كم صدقوا هؤلاء الرجال في تلك المعركة وأبلوا بلاءً حسناً . ولقد رأى خالد بحنكته وحكمته العسكرية أن الجيش قدّم ما يستطيع ومن الانتصار أن يخرج من تلك المعركة بأقل الخسائر أعاد تنظيم الجيش فجعل الميمنة ميسرة ووضع خطة عسكرية تدرس إلى اليوم , وانسحب الجيش بأقل الخسائر إلى المدينة .
كيف أُستقبل الجيش عندما عاد من ارض المعركة ؟؟
أُستقبلهم أطفال المدينة بالحجارة يقولون لهم :يا فرَار تفرون من الموت في سبيل الله ؟؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ليس بالفرَار بل الكرَام إن شاء الله
انظروا الفرق بين الأمس واليوم ,بالأمس كانوا صغارنا يستقبلون خالداً بالحجارة تفرون من الموت يا فرَار .
واليوم يستقبلون غانياً ومطرباً ولاعباً في صالة المطار بالورود والأزهار
مختار يا مختار هذا زمان العار من طنجة إلى قندهار
معتقد يعيش حالة احتضار أمتنا ليس لها قرار
ملعوبه باليمين وباليسار نرجو بصلاح الدين
ندور في مأساتنا حتى أصابنا الدوار
لكن لا خيار من موتنا فوق الشجار
حتى يصير الشوك سجناء أهو فنون يا مختار من نهاية المشوار
فإن النصر مع الصبر واضطراب فوق النار
هذا باختصار كلمة اعتذار عن أمة تعداده مليار ليت لها قرار .
الصادق مستعد في كل حال من الأحوال مهما كانت الروابط والضوابط في الشدة والرخاء .
سمع النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل يقال له خالد الهذلي يريد قتل النبي صلى الله عليه وسلم ,لم يرسل له كتيبة أو جيش بل أرسل له رجل واحد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : يا عبد الله بن حنيف اذهب إلى مكة وآتني برأس خالد الهذلي (قال المهمة صعبة أو أعذرني أو ابحث عن غيري )قال: سمع وطاعة
قال : يا رسول الله ما اعرف الرجل ؟
قال الرسول عليه السلام :من علامات الرجل إذا رأيته تهابه (كان العرب تقول عنه رجل بألف رجل).
قال عبد الله : سمعا وطاعة .
خرج وحيداً وصل إلى مكة المكرمة وقد أقام خالد معسكر في مِنى.
جاء عبد الله إلى خالد وقال له :ضمني معك حتى نقضي على محمد
وكان عبد الله صاحب رأي ومشورة فضمه إليه وقربه منه في اليوم الثاني إذا هما يسيران بعيداً عن الخيام حتى بَعُدا عن الناس قام عبد الله وسل سيفه وقطع رأس خالد وجاء به إلى المدينة وقبل أن يصل عبد الله إلى المدينة أخبر الوحي النبي صلى الله عليه وسلم بأن الجندي أتم المهمة على أكمل وجه فلما وصل عبد الله المدينة أستقبله النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (افلح الوجه)خذ عصاي هذه وتوكأ عليها أعرفك بها يوم القيامة شاهد وآية وعلامة وقليل المتوكئون من أمتي ,فلما توفي عبد الله أمر بتلك العصا أن تكفن معه آية وشاهد وعلامة ,أطاع الله وأطاع رسوله.
لسان حالهم يقول :
سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاب الردى
إما حياة تسـر الصـديـق وأما ممات يغيض العدى
عسكر المسلمين في يوم تبوك يقول عبد الله بن مسعود بتنا تلك الليلة استيقظت في آخر الليل تحسست فراش الرسول صلى الله عليه وسلم فإذا هو خالي من صاحبه وتحسست فراش أبو بكر وعمر فإذا هي خالية من صاحبيها نظرت في آخر المعسكر فإذا بنار موقدة انطلقت إليها فلما جئتها فإذا بالرسول عليه الصلاة والسلام وأبو بكر وعمر قد حفروا قبراً قلت: يا رسول الله من هذا ؟قال صلى الله عليه وسلم :هذا أخوك عبد الله بن جادين فر بدينه إلى الله ورسوله وقد عذبوه وضربوه وجردوه من ثيابه ,وعندما أنزله رسول الله في قبره قال: اللهم إني أمسيت عنه راض فأرض عنه ,قال عبد الله بن مسعود:والله ما تمنيت إلا أن أكون صاحب ذلك القبر .
فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع
الصادق صادق في دعوته إذا ناجى ربه ناجى بقلب صادق وجوارح متوجهة إلى الله .
يوم أحد يوم صفت الصفوف قال عبد الله بن جحش لسعد بن وقاص :يا سعد أدعُ وأنا أأمن على دعوتك ,
فقال سعد : يا رب إني أسألك فارس شديد البأس شديد الحربة يقاتلني وأقتله وآخذ غنيمته .
قال: عبد الله انتهيت يا سعد
قال :نعم
فقال :أمن يا سعد ,أما أنا فأسألك يا رب فارساً شديد البأس شديد الحربة يقاتلني وأقاتله فيبطر بطني ويجدع أنفي ويقطع أذني ,فإذا سألني ربي لما فعلت هذا ؟فأقول: فعلته فيك .
فيقول سعد :فكانت دعوة عبد الله أحسن من دعوتي .
ويوم كانت المعركة رأيناه بعد المعركة وقد بُطِر بطنه وجُدِع أنفه وقُطِعت أذنه ﴿من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ﴾ سورة الأحزاب
المؤمن الصادق يعتز بدينه ويعتز بعقيدته ويعلم أن الأيام دُول وأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون .
بأشد الظروف تظهر عزة المؤمنين في المواقف تظهر معادن الرجال .
لما حُصرت المدينة من كل صوب , صور الله ذلك الموقف تصويرا عجيباً قال سبحانه ﴿إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذا بلغت وإذا زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزلا شديدا وإذا يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا﴾ سورة الأحزاب
تقطعت الأسباب الأرضية كلها ولم يبقى إلا الحبل الموصل بالله تعالى
قال الرسول صلى الله عليه وسلم :ابشروا إن النصر من عند الله ,
ولما رأى السلمون النصر قالوا: هذا ما وعد الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتصديقاً .عندما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم أن المؤامرة اكتملت من كل جهاتها أراد أن يخفف الحصار على أولئك الرجال الصادقين ,فأتى بقادة خطفان قال لهم:في عرض يرضيهم و يصلح فيما بينهم : ما رأيكم بأن أعطيكم ثلث ثمار المدينة على أن ترجعوا وتفكوا هذا الحصار (4000 من خطفان خرجت من المدينة ليس للثأر من المسلمين وإنما خرجت للغنيمة يريدون أن يجعلوا الصادقين غنيمة لهم ولكن الله يأبى أن يكونوا كذلك , عندما عرض النبي صلى الله عليه وسلم هذا العرض لغطفان طلب منهم أن يستشير قادة المدينة(وأمرهم شورى بينهم)فجاء بالسعدين سعد بن عبادة وسعد بن معاذ فقال لهم :ما رأيكم على أن نعطي غطفان ثلث ثمار المدينة ويرجعوا ويتركوا الحصار؟
فقالوا: أمر من السماء فليس لنا إلا التسليم أم أمر تحبه لنا .
قال: بل أمر أحبه لكم .
قالا: يا رسول الله كنَا مع هؤلاء القوم وكنَا على شرك وكفر فكانوا لا يأكلون ثمارنا ويأخذون أموالنا إلا بيعاً واليوم عندما أعزنا الله والإسلام يأخذون أموالنا والله ليس بيننا وبينهم إلا السيف .
فلما علم الله صدقهم وتوكلهم عليه قال تعالى مصوراً الموقف ﴿يا أيها الذين آمنوا أذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنودٌ فأرسلنا عليهم رياحاً وجنوداً لم تروها وكان الله بما تعملون بصير ﴾ سورة الأحزاب
بصير بما تعملون من الاستعداد فقلب الله الأمر عندما رأى عزة هؤلاء الرجال مستمدة من الله ونبيه وقال لهم ﴿ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين أم حسبتم إن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين آ﴾ سورة آ ل عمران
عزة مستمدة من كتاب الله وسنة نبيه أما ترى بأننا بأمس الحاجة لمثل هذه العزة وهذا التمسك .
فلست بموت العدو تخشعاً ولا تضرعاً إني إلى الله مرجعي
ولست أبالي حين أقتل على أي جنب في الله كان مصرعي
أليس البيع تمت والثمن !! الجنة أليس الثمن قد دفع ؟؟ أليس الله اشترى وهم باعوا على أن يكون الثمن الجنة ولذلك خاطب الله الذين يقرؤون القرآن الكريم كونوا معهم﴿ياآيها الذين آمنوا أتقو الله وكونوا مع الصادقين﴾ سورة التوبة
كونوا مع محمد وأصحابه .
اسمع تضحياتهم يا رعاك الله ﴿الذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وآذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا ﴾اسمع الثمن ﴿لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب لا يغرنك الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم ولبئس المهاد ﴾
اسمع تضحيات القوم وقل أين نحن من هؤلاء ؟!﴿للفقراّء المهاجرين الذين أُخرِجوا من ديارِهم وأموالِهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسولَه أولئّك هم الصادقون ﴾ سورة الحشر
هم فقط ؟؟ بل لكل من سار على دربهم ﴿والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا ّإنك رءوف رحيم ﴾ سورة الحشر
زار أبو ذر مكة المكرمة بعد انقطاع فرأى أهلها عجبا رآهم قد تطاولوا في البنيان وتوسعوا في المأكل والمشرب فصار يطوف حول الكعبة ويقول ( ياأيها الناس ..أنا جندب بن جنادة صاحب رسول الله فأقبلوا علي فأنا لكم ناصح مشفق أمين .
فأقبلوا عليه وقالوا : ما عندك يا صاحب رسول الله ؟
قال : أرأيتم لو أن رجل أراد السفر ألم يكن يأخذ معه عدة للسفر؟!
قالوا : بلى .
قال : فإن سفر الآخرة أفضل ما تريدون , فخذوا ما يبلغكم .
قالوا : وما يبلغنا ؟
قال : صوموا يوم شديد الحر يبقى ليوم مشهود , وصلوا في ظلمة الليل لظلمة القبور , وحجوا حجة لعظائم القبور , واجعل الدنيا مجلسين مجلس لله وآخر في طلب الأمر وآخر ترده لا يضرك , واجعل الدرهم درهمين درهم أنفقه لك ولعيالك ودرهم تنفقه في سبيل الله وثالث يضرك لا ترده
ما لكم تبنون مالا تسكنون , وتجمعون مالا تأكلون , وتأملون وتطيلون قتلكم حرصا على الدنيا لستم ببالغيه , انقل إلى الله المشتكى
كيف لو جاء أبو ذر ورأى أحوالنا ورأى القصور الشاهقات لا يسكنها إلا اثنين أو ثلاثة .
كيف لو جاء أبو ذر ورأى البنوك الربوية .
كيف لو جاء أبو ذر ورأى أبنائنا ونسائنا كيف يتمايلون مع المعازف والألحان وساعات أمام الشاشات .
كيف لو جاء أبو ذر ورأى عبّاد البقر يهدمون مساجدنا .
كيف لو جاء أبو ذر ورأى عبّاد الصليب ينتهكون أعراضنا .
كيف لو جاء أبو ذر ورأى أحفاد القردة والخنازير يتلاعبون بعقيدتنا .
الصادق عنده قضية يحيا من اجلها ويموت من اجلها .
يوم أحد اجتمع اليهود لقتل الرسول صلى الله عليه وسلم , قال الرسول صلى الله عليه وسلم لمن حوله : من يدفع عني الرجال وله الجنة وهو رفيقي في الجنة ؟ فتطايرت الكلمات إلى الشباب ممن سمعها سعد بن الربيع فقال : الثمن الجنة ورفيق الرسول بأبي هو وأمي , فأنطلق يدافع عن الرسول صلى الله عليه وسلم فأبلى بلاء حسنا أمام الرسول حتى قتل ,فلما انتهت المعركة قال الرسول صلى الله عليه وسلم: من يأتيني بخبر سعد بن الربيع ؟ فبدا البحث بين القتلى فوجدوه في آخر رمق من الحياة ,فقالوا له : يا سعد إن رسول الله يقرأك السلام .فرد وقال : اقرأ النبي مني السلام وقل له :جزاك الله خير ما جزا الله نبي عن قومه ,فإني والله لأجد ريح الجنة , واقرأ للأنصار مني السلام وقل لهم : لا عذر لكم أمام الله أن يخلص على رسول الله وفيكم عين ( فلم يوصي بمال أو عيال ) فلما رجعوا إلى رسول الله وأخبروه عنه استقبل النبي صلى الله عليه وسلم القبلة وهو يقول : اللهم القي سعد بن الربيع وأنت عنه راض, رحمك الله يا سعد كم نحن بحاجة إلى مثل سعد .
انظر إلى المسلمين يمنة ويسرة
ولا تلمني فلا يلام جريح
لا يلوم المظلوم حين يصيح
لا تلمني ولوم خافق بين جنبي لم تحتضنه القروح
وأنا لن ألوم من مات حسدا
وإنما ألوم لمن فيه روح
وأنا لن يضيق باللوم صدري
فإن صدر المحب للمحب فتيح
واعلم أن الطريق محفوف بالمكاره والمصائب والآلام ﴿حتى يقول الرسول والذين آمنوا متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ﴾
﴿ ياأيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريّن من أنصاري إلى الله قال الحواريّون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين ﴾. سورة الصف
أما آن النصر كما قالوا أولئك , إذا كانوا قد فعلوا فنحن نقدر أن نفعل فالمنبع واحد والمصدر واحد والطريق واحد والمعبود واحد والذي وعد بالنصر لا يخلف بالوعد .
﴿أوفوا بعهدي أوفي بعهدكم ﴾ سورة البقرة
﴿اذكروني أذكركم﴾ سورة البقرة
﴿ إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ﴾ سورة محمد
اللهم اجعلنا منهم ومعهم اللهم أدخلنا مدخل صدق وأخرجنا مخرج صدق واجعلنا ممن إذا أنعمت عليه شكر وممن إذا ابتلته صبر وإذا أذنب استغفر, اللهم أبلغ بأمتنا يوما رشدا يعز أهل طاعتك ويذل أهل معصيتك ويأمر فيهم بالمعروف وينهى عن المنكر ,اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا فيمن خافك وأطاعك واتبع رضاك , نسألك اللهم قادة مصلحين و وعلماء ربانيين ودعاة مخلصين وشباب عاملين وبنات عاملات , اللهم انصر من نصر الدين واخذل من خذله ,اللهم انصر المجاهدين في كل مكان ومن على كلمة الدين واجمع كلمتهم على الحق . اللهم اخسف عدوك وعدوهم إنهم لا يعجزونك , اللهم اشدد وطأتك على القوم الكافرين ,الله عليك بهم فإنهم لا يعجزونك يا قوي يا عزيز , ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير , ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمورنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين يا قوي يا عزيز ,نستغفرك ونتوب إليك وصلي وسلم على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين